عربي

همس الغراب ٣ : هي دي الجنة؟

همس الغراب ٣ : هي دي الجنة؟

يا أمي الحبيبة،

تعالي أحكيلك عن الحلم التالت اللي حكاه لي عمر. كان حلم غريب ومخيف، خلاني أشوف جانب تاني من الحب والجمال، جانب مكنتش أتخيله قبل كده.

الحلم التالت: هل دي الجنة؟

عمر فتح عينيه، لقى نفسه في أوضة نوم تحفة. كانت الأوضة فخمة جداً، الحيطان مغطية بورق حائط دهبي، والأثاث كله أنتيكات غالية. الشمس كانت بتدخل من الشبابيك الكبيرة، بتملي المكان بنور دافي وجميل.

بص جنبه على السرير، وحبس نفسه من الدهشة. كان في ست نايمة جنبه، جمالها يخطف العقل. جسمها كان مفتول بشكل مش طبيعي، كأنها نحاتة من الرخام. وشها كان زي لوحة فنية، كل ملمح فيه مرسوم بدقة. 

الست فتحت عينيها ببطء، وابتسمت لعمر ابتسامة خلته يدوب. "صباح الخير يا حبيبي،" قالت بصوت ناعم زي الحرير.

عمر حس إنه في الجنة. "صباح النور،" رد وهو مش مصدق حظه. "أنا... أنا مش عارف أقول إيه. إنتي جميلة أوي."

الست ضحكت ضحكة رنانة. "ميرسي يا عمر. أنا فيروز."

قضوا الصبح كله مع بعض، بيتكلموا ويضحكوا. عمر كان مبهور بكل حاجة عن فيروز - ذكائها، ثقافتها، خفة دمها. حس إنه لقى الست المثالية.

بس مع مرور الوقت، بدأ يلاحظ حاجات غريبة. فيروز كانت بتتعصب بسرعة على أتفه الأسباب. لو عمر قال كلمة غلط، أو عمل أي تصرف مش عاجبها، كانت بتنفجر فيه.

"إنت غبي ولا إيه؟" كانت بتصرخ فيه. "إزاي تعمل كده؟ إزاي تقول كده؟"

عمر كان بيحاول يهديها، بس كل محاولاته كانت بتفشل. كل ما يقول حاجة، كانت بتزعل أكتر.

مع مرور اليوم، الوضع زاد سوء. فيروز بقت عصبية جداً، بتصرخ وتزعق لأتفه الأسباب. عمر لقى نفسه ماشي على بيض، خايف يعمل أي حاجة تزعلها.

"إنت مالك؟" سألها في الآخر. "ليه بتعامليني كده؟"

فيروز بصتله بغضب. "أنا؟ إنت اللي مش كويس! إنت اللي مش بتفهمني!"

لما الليل جه، الحلم اتحول لكابوس حقيقي. فيروز كانت بتصرخ وترمي الحاجات، الأوضة الجميلة بقت ساحة حرب. عمر كان خايف، مش عارف يعمل إيه.

في الآخر، من كتر الخوف، اختبى تحت السرير. كان ضام المخدة على صدره، بيرتجف، وبيدعي إن الكابوس ده يخلص.

وفجأة، سمع صوت نعيق مألوف. بص، ولقى الغراب واقف على حافة السرير، بيبصله بعينيه السودا.

"إنت تاني؟" همس عمر، حاسس براحة غريبة من شوفة الغراب.

الغراب نعق تاني، وفجأة كل حاجة بدأت تتلاشى. صراخ فيروز بعد، والأوضة بدأت تختفي. عمر حس إنه بيطير بعيد عن الكابوس ده.

وفجأة، صحي عمر، لقى نفسه في البار تاني، محاط بأصحابه. كان بيلهث وجسمه كله عرقان.

"عمر! إنت كويس؟" سأله صاحبه بقلق.

عمر هز راسه، مش قادر يتكلم. حس بالدوخة بتهاجمه تاني، والدنيا بتلف حواليه.

"فيروز... الغراب..." همس قبل ما يفقد الوعي تاني، غارق في موجة جديدة من الأحلام.

يا أمي، لما عمر حكالي الحلم ده، حسيت قد إيه كان مرعوب ومتألم. الحلم ده علمه درس مهم عن الجمال والحب. إن الجمال الحقيقي مش في الشكل الخارجي بس، لكن في الروح وطيبة القلب.

ومع ذلك، حتى في وسط أعمق يأسنا، دايماً في أمل، دايماً في فرصة للخلاص. في الحلم التالت، لما عمر لقى نفسه مخنوق بقسوة المرأة ذات الجسم المفتول، اكتشف إن الجمال الحقيقي مش حاجة تتقاس بتناسق الوش أو انحناءات الجسم. هو نور من جوا، بريق مايقدرش يخبو مع مرور الوقت أو قسوة القدر.

الحلم ده خلاني أفكر كتير يا ماما. خلاني أسأل نفسي، هل الجمال الحقيقي في الروح ولا في الشكل؟ وإزاي نقدر نشوف الجمال الحقيقي في الناس من غير ما ننخدع بالمظاهر؟

وأنا دلوقتي بستنى بفارغ الصبر أسمع عن الحلم اللي جاي. ترى إيه تاني هيتعلمه عمر في رحلته دي؟ وإزاي كل ده هيأثر على نظرته للحب والجمال؟

Reading next

Siblings
Chiclets. Only In Egypt?

Leave a comment

All comments are moderated before being published.

This site is protected by hCaptcha and the hCaptcha Privacy Policy and Terms of Service apply.